الدكتور خالد عكاشة: مقتل البغدادي تم في إطار صفقة أمريكية تركية
قال الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تنظيم داعش ستحدث له هزة كبيرة بعد مقتل زعيمه أبي بكر البغدادي، فهو بالفعل في حالة انحسار بعد هزيمته في معركة الباغوز في شمال سوريا وخسارته آخر معاقله بعد أن كان يسيطر على ثلاث محافظات سورية ومثلها عراقية بمساحة جغرافية هائلة يفرض سيطرته عليها وكانت مستقرًا لدولته المزعومة ومنطلقًا لعناصره التي تجوب العالم كله بعمليات إرهابية.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج مساء DMC، أن قتل زعيم داعش يعمق من أزمة التنظيم ويدخله في دوامة سيستمر فيها لفترة ليست بالقصيرة، ولكن رغم كل ذلك فإن الحديث عن وفاة التنظيم يُعدُّ حديثًا نظريًا وبعيدًا عن الحقيقة، والدليل هو أن تنظيم القاعدة مازال قائمًا وقادرًا على القيام عمليات إرهابية والاستيلاء على مناطق رغم اغتيال زعيمه التاريخي أسامة بن لادن، وهذا بالنظر إلى أن تنظيم داعش هو امتداد متطور للقاعدة، لافتًا إلى أن داعش سيبحث في ظل أزمته الحالية عن قيادة بديلة، ولكنّه بما أحرزه من تمددات سابقة سيكون قادرًا على جمع صفوفه والانطلاق بنسخ إرهابية جديدة ربما تواجهها دول المنطقة في السنوات القادمة.
وأشار عكاشة، إلى أنه رغم إعلان الأطراف العراقية والكردية وجود أدوار لها في عملية استهداف البغدادي وتوجيه الشكر لهم ولغيرهم من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فإن الطرف الأهم الذي لم يُذكر في حديث ترامب وهو العامل الرئيس في إتمام هذه العملية هو الجانب التركي، فبدون مساعدة مباشرة وصفقة كاملة الأركان مع الاستخبارات التركية لم يكن بمقدور الاستخبارات الأمريكية الوصول إلى رقبة أبي بكر البغدادي، وهو ما ستكشفه بعض التفصيلات التي ستظهر في الفترة المقبلة، أما ما قدمته الأطراف العراقية والكردية فهي تفصيلات جزئية ضمن الصفقة مع تركيا.
وأفاد أن تركيا تريد بعض المطالب من الولايات المتحدة، والولايات المتحدة تريد أن تبتز تركيا بثمن غالي مثل رقبة أبي بكر البغدادي لكي تمنع عنها هجوم العقوبات التي كانت تعتزم الإدارة الأمريكية والكونجرس شنّه على الأتراك نتيجة العمليات في سوريا، موضحًا أن أردوغان كانت لديه عداوات كبيرة مع الكثرين داخل الولايات المتحدة، وخاصة في الكونجرس الذي كان يحرض ضده وضد القرار الأمريكي بالخروج من شمال سوريا، ولم يكن بمقدور أردوغان الخروج من كل هذا إلا بمثل هذه الصفقة التي تم تسليم فيها رقبة أبي بكر البغدادي في منطقة تبتعد عن الحدود التركية بخمسة كيلو مترات فقط.
وذكر مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تركيا إما أنها قامت باستدراج البغدادي إلى هذه المنطقة لتسليمه للجانب الأمريكي، أو أنها سحبته إلى هذه المنطقة استعدادًا لنقله إلى الجانب التركي لتهريبه إلى مكان ما، مشيرًا إلى أن الأطراف الرسمية الأمريكية حاولت التغطية على الدور التركي في هذه العملية، وهو ما يؤكد وجود صفقة بين المخابرات التركية والقوى الأمريكية لكي تحصل بمقتضاها تركيا على مجموعة من المطالب من الجانب الأمريكي.
وأكد أن مقتل البغدادي سيكون دون شك سببًا في تعزيز انحسار تنظيم داعش في الأراضي السورية والعراقية، وهو الانحسار الذي بدأ بالفعل وسيزداد أكبر، وسيكون تأثير التنظيم أكثر هامشية في سوريا والعراق، ولكن الأمور مازالت هشة في كلا البلدين، وهو ما يدفع باتجاه أن تجد قيادات التنظيم ملجأً لها هناك، بالنظر إلى أنهم في الأساس من أبناء المحافظات الحدودية العراقية أو الداخل السوري.
وأضاف أن التنظيم كان يغذي طوال الفترات الماضية بعض المناطق التي أصبح له مرتكزات فيها، مثل أفغانستان التي فرّ إليها الآلاف من عناصر التنظيم، بالإضافة إلى بعض الدول في جنوب شرق آسيا، ودول الساحل والصحراء في القارة الأفريقية، فهي من الأماكن المرشحة بقوة لتشهد نشاطًا كبيرًا للتنظيم استغلالًا لحالة الهشاشة الأمنية والعسكرية الموجودة بها، ووجود تنظيمات محلية مبايعة لداعش هناك.
وختم الدكتور خالد عكاشة حديثه بالتأكيد أن التنظيمات الإرهابية اعتادت على ارتكاب بعض الارتدادات الانتقامية، وبالتالي فإن تمكنوا من ارتكاب عمليات انتقامية ضد الدول المسؤولة عن قتل البغدادي فلن يتأخروا، ولكن الحرص والاستعداد الأمني لدى هذه الدول قد يؤخر مثل هذه العمليات الانتقامية، إلا أن الرغبة فيها ستظل قائمة، فالدول التي ساهمت في قتل تقويض نشاط التنظيم واغتيال قائده ستظل عدوًا له، وسيعمد داعش إلى القيام بعمليات بهدف إثبات استمراريته وبقائه.