
خبيئة “العساسيف”.. شاهد جديد على عظمة المصري القديم
كان هدفه الأول هو حفظهم، حيث السرقات المنتشرة التي لم تهاب حرمة الموت، فوجد نفسه يجمعهم ليضعهم في مخزن اّمن ذو بوابة حجرية، بحسب عادة الكهنة المتبعة لتخزين التوابيت في تلك العصور القديمة.
وبالفعل نجحت خطة هذا الكاهن لإخفاء التوابيت حتى تم اكتشافها بأيدي اثريين مصريين، منذ حوالي شهرين، في خلال أعمال الحفائر التي بدأت منذ 2018، ليخرج 30 تابوت خشبي آدمي ملون لرجال وسيدات وأطفال في حالة جيدة من الحفظ والألوان والنقوش الكاملة، مجمعين في خبيئة على مستويين؛ الواحد فوق الآخر، ضم المستوي الأول 18 تابوت والثاني 12 تابوتا.
أول خبيئة تكتشف بأيدي اَثريين مصريين
بحسب تصريحات وزير الآثار، الدكتور خالد العناني، فإن “خبيئة جبانة العساسيف” التي تم اكتشافها بالبر العربي بالأقصر، هي الأولى منذ أكثر من قرن من الزمان التي يتم اكتشافها بأيادي مصرية خالصة.
فضلا عن كونها “أكبر كشف أثري” بحسب توصيف الصحف ووكالات الأنباء العالمية، لأنه ضم ٣٠ تابوت آدمي من بينها 3 توابيت لأطفال و5 لسيدات، في حالة متميزة من الحفظ والألوان والنقوش.
وساهمت المجموعة المكتشفة في اثراء المجال البحثي، حيث لم تكن كل التوابيت مكتملة الزخارف والألوان، بل جاء بعضها في مراحل أولية، ومنها ما انتهى تصنيعه ولكن لم يتم الانتهاء منه، والبعض تم نحته وتزيين أجزاء منه وتركت الأجزاء الأخرى فارغة بدون زخارف.
شاهد على فترة “عدم الاستقرار”
طبقًا لما أشار إليه الدكتور مصطفي وزيري، رئيس البعثة الأثرية المصرية، فإن تلك الخبيئة تعد شاهدا على فترة تاريخية اتسمت بعدم الاستقرار، حيث انتشرت سرقة المقابر، ولعب فيها التابوت دورها للحفاظ على الجسد، ما أدي لنقل الرسومات والنقوش من جدران المقابر لجنبات التوابيت، التي أوضحت ارتباط تلك الخبيئة بالمنطقة، حيث اشتملت مناظر الآلهة حتحور والملك أمنحتب الأول.
صدى عالميًا واسعًا
“الأكبر في مصر منذ قرن”، هكذا وصف موقع “ديلي بيست” الأمريكي، الاكتشاف، فيما أشارت شبكة “سى إن إن” لأن اكتشاف ورش العمل فتح الطريق لفهم الأدوات والتقنيات المستخدمة في صنع التوابيت الملكية وأثاث المقابر، بينما نشرت شبكة “فوكس نيوز” صور للتوابيت المكتشفة حديثا معلقة بأن مصر تواصل الكشف عن تفاصيل جديدة لتاريخها الثرى.
ووصفت شبكة “سي بي اس” الاكتشاف بأنه أول مخبأ إنساني كبير يتم اكتشافه منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأشارت جريدة “الجارديان”، إلى أن الاكتشاف الجديد في مدينة الأقصر الجنوبية هو أكبر اكتشاف من نوعه منذ أكثر من قرن، واصفة التوابيت بأنها بحالة جيدة من الحفاظ عليها والألوان والنقوش الكاملة.
فيما أشاد موقع “بلومبرج”، بالحال الاستثنائي الذي كانت عليه التوابيت، واصفاه بأنه أحد أهم الاكتشافات في السنوات الأخيرة، بينما سلطت صحيفة “ذا ميرور” البريطانية الضوء على مومياوات الأطفال.
وقطعت قنوات اليورو نيوز وسكاي نيوز، نشرات الأخبار الخاصة بها لنقل وبث مراسم الإعلان عن الكشف وفتح التابوت بثاً مباشراً، كما خصص برنامج ” توديز شو” الذي تبثه قناة “ان بي سي”، فقرة خاصة حول هذا الكشف وأهميته.
عادت مصر لتتحدث عن نفسها من جديد، فمن المؤكد أن مثل تلك الاكتشافات ستكون لها أثارها على اجتذاب مزيد من السائحين، خاصة وأنه من المقرر تخصيص قاعة بالمتحف المصري الكبير لعرض تلك التوابيت به، في ظل استقرار الأوضاع الأمنية، والحملات الدولية التي تقوم عليها الحكومة لتنشيط حال السياحة في مصر.