تركيا

بيان مجلس وزراء الخارجية العرب.. لغة جديدة في التعاطي مع تركيا

عبارات كلاسيكية وأخرى جديدة

اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب، انعقد اليوم في القاهرة بدعوة من مصر، على إثر العدوان التركي على شمال سوريا الذي حمل اسم “نبع السلام”، ودعا البيان الختامي للاجتماع إلى وقفه، واصفًا إياه بأنه خرق واضح لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وتهديد مباشر للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين، مؤكدًا أنه يمثل الحلقة الأحدث من التدخلات التركية والاعتداءات المتكررة وغير المقبولة على سيادة دول أعضاء في جامعة الدول العربية.

D:\19_2019-637064925176122283-612.jpg

لم يخلُ البيان الختامي للاجتماع من عبارات الشجب والإدانة والإنكار المعهودة من الجامعة العربية والاجتماعات المثيلة لهذا الاجتماع، ولكنّ اجتماعات وبيانات سابقة لم تكن تتعدى هذه العبارات قيد أنملة، مهما صغُر الحدث أو كبُر، أما في هذا الاجتماع فإن ثمّة عبارات توحي بأن شيئًا جديدًا يلوح في أفق الجامعة، وأنها يمكن أن تتعدى دورها المعهود في الشجب والإدانة، إلى اتخاذ قرارات حاسمة ومواقف صارمة إزاء مختلف الصراعات التي تعصف ببعض أعضائها، والقضايا التي تهدد الأمن القومي العربي برمّته.

تخفيض مستوى العلاقات مع تركيا

قرر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي على سوريا بما في ذلك خفض العلاقات الدبلوماسية ووقف التعاون العسكري ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع تركيا.

وإن تحقق ذلك فسيكون بمثابة الإجراء العقابي الحاسم الرسمي الأول الذي تتخذه الدول العربية ضد تركيا وما تقوم به من إجراءات تزعزع الاستقرار وتقوض عملية بناء الدول الوطنية في المنطقة، وقد سبقته إجراءات شعبية كثيرة، لعل من أبرزها ظهور حملات شعبية واسعة في مختلف البلدان العربية لمقاطعة السياحة في تركيا.

D:\20190726-67159356-442554786329331-1512552387749871616-n-jpga68db0-image.jpg

كما قرر المجلس الموافقة على إدراج بند “التدخلات التركية في الدول العربية” كبند دائم على جدول أعمال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وتشكيل لجنة لمتابعة الأمر. وذلك بعدما وصلت التدخلات التركية في الدول العربية إلى حد لا يمكن مع تجاهله أو التغاضي عنه، وتعبّر هذه القرارات عن عزم جامعة الدول العربية على التصدي لأفعال تركيا وتدخلاتها غير المقبولة، ودخول مرحلة جديدة في هذه المواجهة.

هل تعود سوريا إلى الجامعة العربية؟

أعطى بيان وزراء الخارجية العرب -الذي تحفظت عليه قطر والصومال- تلميحات إلى إمكانية عودة سوريا لتشغل مقعدها داخل جامعة الدول العربية من جديد، بعد أن تم تعليقه في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في نوفمبر 2011، ومن هذه التلميحات تأكيد البيان على أن كل جهد سوري للتصدي للعدوان التركي والدفاع عن الأراضي السورية هو تطبيق للحق الأصيل لمبدأ الدفاع الشرعي عن النفس وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

D:\1014148148.jpg

هذا بالإضافة إلى ما قاله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط خلال الاجتماع، مؤكدًا أن الوضع المعقد في سوريا منذ ثماني سنوات كان من شأنه أن غابت الدولة السورية حتى هذه اللحظة عن احتلال مقعدها في مجلس جامعة الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا “الوضع المؤقت بطبيعة الأمور، لا يُمكن ولا ينبغي أن يُتخذ تكئة لسلخ سوريا من عروبتها.. سوريا دولة عربية عضو في هذه المنظمة.. كانت وستظل”.

وهو ما يعدُّ تأكيدًا من جامعة الدول العربية على وجود سوريا داخل أروقته، وشرعية النظام السوري، إضافة إلى تأكيد الجامعة المستمر على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، وقد سبقت هذه التلميحات الحفاوة التي استقبل بها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الوفد السوري المشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك برئاسة وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

كاتب

محمد عبد الرازق

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى