
بعد خطوة “التعليم”…هل يشهد الجهاز الإداري للدولة تطهيرا من العناصر المتطرفة؟
أعلن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور طارق شوقي الاثنين الماضي فصل 1070 معلما لتبنيهم أفكارا متطرفة، موضحا أن غالبيتهم صدر بحقهم أحكاماً قضائية ويقيم أغلبهم خارج مصر وتم فصلهم عقب اتخاذ جميع الإجراءات القانونية، ويتضح من العدد الكبير للمعلمين المفصولين مدى تغلغل عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي داخل الجهاز الإداري للدولة، فهل سيكون قرار وزير التربية والتعليم هو ضربة البداية للتخلص من العناصر المتطرفة داخل الجهاز الإداري للدولة؟
كيف دخلت تلك العناصر للجهاز الإداري؟
سعت جماعة الإخوان على مدار سنوات طويلة إلى زرع عناصرها داخل الجهاز الإداري للدولة، بغية دعم مشروعها الفكري ونشره على أوسع نطاق، وفي أعقاب أحداث 2011 استغلت الجماعة المظاهرات التي تطالب بفتح التعيينات الحكومية، في الدفع بالمزيد من عناصرها بعدد من الوزارات والهيئات والمؤسسات.
وعقب تولي الرئيس المعزول “محمد مرسي” سُدة الحكم في عام 2013 تطور الوجود الإخواني بالجهاز الإداري للدولة، وزرعت الجماعة عناصرها بكافة المؤسسات واسندت لعدد منهم وظائف قيادية بقرارات مباشرة من “هشام قنديل” رئيس الوزراء في ذلك التوقيت فيما عرف بخطة “أخونة الدولة”.
وخلال الثمانية أشهر الأولى لتولي “محمد مرسي”، نجح رجال جماعته في اختراق مفاصل 20 وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء، إضافة الى تعيين 5 محافظين و5 نائبين، و13 مستشارا للمحافظين جميعهم ينتمي للجماعة المحظورة. يذكر أن الجماعة فوضت كوادرها ممن تولوا مناصب نائب المحافظ بالإدارة الفعلية لشؤون المحافظات التي عينوا فيها بقرارات صادرة عن مؤسسة الرئاسة مباشرة.
ولم يقتصر الاختراق الإخواني على الوزراء والمحافظين ونوابهم ومستشاريهم فقط، وإنما امتد الأمر إلى المحليات، حيث احتل 12 عضوا بالجماعة مناصب رؤساء مدن وأحياء بعدة محافظات وتحديدا بمحافظات سوهاج والمنيا وكفر الشيخ والفيوم، بالإضافة لمناصب أخرى تتصل بإدارة المستشفيات وقطاعات المياه والصرف الصحي والكهرباء والإعلام والتعليم وهي في معظمها تتصل بقرارات الوزراء والمحافظين.
30 يونيو تجهض “أخونة الدولة”

أدت ثورة 30 يونيو 2013 إلى سقوط حكم الإخوان في مصر، وبالتالي فشل مشروع “أخونة الدولة”، وإعمالا بمبدأ السمع والطاعة الذي يقسم عليه كل من ينضم للجماعة الإرهابية، شاركت كوادر الإخوان بما فيها العاملون منهم بمؤسسات الدولة المختلفة في مسيرات التخريب والتدمير التي طالت عددا من المقرات الحكومية والشرطية.
وبجانب المسيرات التخريبية سعت الجماعة إلى تعطيل العمل بمؤسسات الدولة وتحديداً بدواوين الوزارات الخدمية مثال الصحة والتموين والتربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والنقل، التي استطاعت الجماعة تعيين عدد من كوادرها بمناصب قيادية بها، حيث تم التخطيط لحشد الموظفين التابعين للإخوان في وقفات احتجاجية بدواوين الوزارات والدعوة للإضراب وتصوير تلك الوقفات لوسائل الإعلام الغربية على أنها عصيان مدني.
وكان على رأس الوزارات المقرر البدء بها وزارة الصحة، حيث كان يشغل 3 من قيادات الجماعة وهم سعد زغلول نقيب أطباء القاهره ويشغل منصب مساعد وزير الصحة لشئون القطاع العلاجي وإبراهيم مصطفى، مساعد الوزير لشئون التأمين الصحي والمدير التنفيذي للمستشفي المركزي التابعة للجمعية الاسلامية التابعة للاخوان المسلمين مناصب قيادية بها بجانب دكتورة عبير بركات مساعد الوزير لشئون القطاع الوقائي، رئيس لجنة الصحة بحزب الحرية والعدالة.
فصل العناصر لن يكون تعسفيا
نصت المادة (2) من القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، على أن النيابة العامة تعد قائمة تسمى “قائمة الكيانات الإرهابية”، تدرج عليها الكيانات الإرهابية التي تقرر الدائرة المختصة المنصوص عليها فى المادة رقم (3) من هذا القانون إدراجها على القائمة، وتلك التي تصدر فى شأنها أحكام جنائية نهائية.
كما تعد النيابة العامة قائمة أخرى تسمى “قائمة
الإرهابيين”، وتدرج عليها أسماء الإرهابيين، إذا قررت الدائرة المشار إليها
إدراجهم عليها، وكذلك إذا صدر فى شأن أى منهم حكم نهائى جنائى بإسباغ هذا الوصف
عليه، وتسري على هذه القائمة ذات الأحكام المقررة فى شأن قائمة الكيانات الإرهابية.
ونصت المادة (3) من القانون، تختص
دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة تحددها الجمعية العمومية
للمحكمة سنوياً تكون منعقدة فى غرفة المشورة، بنظر الإدراج على قائمتى الكيانات
الإرهابية والإرهابيين. ويقدم طلب الإدراج من النائب العام إلى الدائرة المختصة
مشفوعاً بالتحقيقات والمستندات المؤيدة لهذا الطلب.
كما نصت المادة (7) من القانون على “أن الشخص المدرج في قوائم الإرهاب يعد فاقدا لشرط حسن السمعة والسيرة اللازمة لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية”، واستناداً إلى تلك المادة سيتم إنهاء خدمة كل من يدرج بقوائم الإرهاب، سواء كان داخل مصر أو خارجها، ومما سبق يتضح حرص المشرع المصري على عدم فصل أي موظف ينتمي لجماعة الإخوان الإرهابية أو غيرها من الكيانات إلا بعد صدور حكماً قضائياً نهائيا حتى لا يتم الترويج بأنه فصلاً تعسفياً، او يفتح الباب أمام الشكاوى الكيدية تجاه الموظفين الغير منتمين في الحقيقة للجماعة.
قرار التعليم ليس الأول من نوعه

في 29 أغسطس 2017 أصدر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بيانا، أعلن فيه بدء إعداد قاعدة بيانات بأسماء موظفي الدولة المُدرجين على قوائم الإرهاب والمنشورة أسماؤهم في الجريدة الرسمية، تمهيداً لاتخاذ إجراءات فصلهم من وظائفهم، وذلك طبقاً للقانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.
وأضاف البيان أن هناك تنسيقاً بين الجهاز ومجلس الدولة ووزارة العدل، لإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية موحدة، تتضمن كل البيانات والمعلومات الدقيقة عن جميع موظفى الجهاز الإدارى للدولة التي يبلغ عددها 722 جهة، والأحكام النهائية الصادرة بشأنهم فى القضايا المخلة بالشرف أو قضايا الإرهاب، حتى يسهل على الجهات الحكومية فصل المدرجين على قوائم الإرهاب.
وفي تطبيق لنص القانون الذي يقضي بصدور أحكام قضائية نهائية ضد عناصر الإخوان لفصلهم، ففي 6 أغسطس 2017 أصدر الدكتور جمال أبو المجد رئيس جامعة المنيا، قراراً بفصل10 أساتذة فصلًا نهائيا لانتمائهم إلى جماعة الإخوان، وصدور أحكام ضدهم، ويأتي أبرزهم سعد الكتاتني ومصطفى عيسى وضياء المغازي، وفي أوائل عام 2018 الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، قراراً بفضل 11 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لانتمائهم لجماعة الإخوان الإرهابية وإدراجهم على قوائم الإرهابيين.
وفي 31 يوليو 2018 قررت النيابة الإدارية بالمنيا فصل معلم بإدارة مطاي التعليمية ينتمي للجماعة عقب صدور حكم بسجنة لمدة 5 سنوات في القضية رقم 3256 لسنة 2014 لاتهامه بالتظاهر والترويج لاستخدام العنف والقوة والدعوة لتعطيل أحكام الدستور وحيازة زجاجات مولوتوف وحجارة بدائرة مركز سمالوط وتم الحكم عليه حضورياً ورفضت محكمة النقض الطعن المقدم منه.
وفي 29 اكتوبر 2018 قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بمجلس الدولة، بتأييد قرار وزارة الخارجية في إنهاء خدمة أحد العاملين بها لانضمامه للجماعة ولحيازته محررات وكتب معدة للتوزيع تتضمن الترويج للأفكار جماعة الإخوان المسلمين وتحقيقاً لأهدافها، وحكمت عليه محكمة الجنايات بالسجن لمدة 3 سنوات بجلسة 31 أغسطس 2016، وقدم المتهم طعناً أمام محكمة النقض وتم رفضه وتأييد الحكم الصادر بحقه.
باحث أول بالمرصد المصري