الصحافة العربية

هل تؤتي إجراءات حكومة “عبد المهدي” لاحتواء مظاهرات العراق ثمارها؟

منذ عام وبعد تولي عادل عبد المهدي منصب رئيس الوزراء في العراق، طفت على السطح محاولات إرضاء “عبد المهدي”  كل الأطراف في المعادلة السياسية من خلال مسك عصاه من المنتصف،وهو نفس النهج المتبع في خطابه الأخير  على خلفية الاحتجاجات التي اجتاحت العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية أخرى  في الفترة الأخيرة وأسفرت عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح ، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية والتدخلات الأجنبية في شئون الداخل العراقي.

وفي خطابه قال رئيس الوزراء العراقي  للمتظاهرين أن مطالبهم بالإصلاح ومكافحة الفساد قد وصلت وأنه  لا توجد حلول سحرية لأن  البطالة  لم يوجدها النظام الحالي كما أن البنى التحتية المدمرة هي إرث قديم. وتابع بأن من كل من يظن نفسه بعيدًا عن المحاسبة “واهم”.  

وكانت الاحتجاجات قد اندلعت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية. وتكرارًا لسيناريو سبقتهم فيه دول أخرى ظهر قناصة مجهولين أسقطوا عددًا من الشهداء  في حين يتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق الرصاص.

رد فعل حكومي وصف بالبطئ

يحسب البعض على الحكومة العراقية تأخرها في رد الفعل ووقوعها في الخطأ الاستراتيجي الكلاسيكي باختيارها للبعد عن مركز المظاهرات والتمسك ببروقراطية الدولة،من رمي الكرة   في ملعب البرلمان طلباً منه  بمنح  الصلاحيات في إعادة النظر بتشكيلة الحكومة، قبل أن ترتد الكرة مرة أخرى.

 كما وصفت الإجراءات التي اتخذها عادل  عبدالمهدي حتى الآن  بغير الكافية وذهب إلى أبعد من ذلك عندما وصفت الإجراءات بمراوغة للتهدئة، وربما كان ما فعله رئيس البرلمان العراقي بلقائه بعدد من المحتجين أكثر جرأة.

ولكن الأكيد في الأمر أن استناد  عبد المهدي  إلى المرجعية الشيعية خصوصًا في ظل سعي  إيراني لقمع الانتفاضة وتغيير الوجوه مع الإبقاء على السياسات جعل بقاء عبد المهدي مثارًا للشكوك، إن لم يكن بسبب سياساته فبسبب استناده إلى مرجعية شيعية. في ظل قيام طهران ببذل الغالي والنفيس لإسكات أي حراك شعبي يرفع شعار ” إيران برة برة”  

لا بديل أمام حكومة عبد المهدي

  إذا اتسع نطاق الاحتجاجات فليس من الواضح ما هي الخيارات التي تملكها الحكومة.  وإن كانت قد أعلنت بالأمس سلسلة تدابير اجتماعية استجابة لطلبات المتظاهرين، شملت  17 تدبيراً  تراوح بين مساعدات للإسكان وتقديم منح إلى شباب عاطلين من العمل.كما قررت الحكومة إنشاء مئة ألف مسكن.  

وعلاوة على ذلك، أمرت الحكومة بإنشاء “مجمعات تسويقية حديثة”، في محاولة لإيجاد فرص عمل، خصوصاً بين الشباب الذين يعاني واحد من كل أربعة منهم البطالة في العراق. وفتح باب التقديم على الأراضي السكنية لذوي الدخل المحدود والفئات الأخرى. واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين من ذوي الدخل المحدود في البصرة. ومنح 150 ألف شخص من العاطلين منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار لكل شخص ولمدة ثلاثة أشهر.  

كما قرر مجلس الوزراء اعتبار ضحايا التظاهرات “شهداء” ومنح عائلاتهم “امتيازات الشهداء”. كما فتح باب التطوع للجيش وإعادة الذين فسخت عقودهم بعد اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” في العام 2014.  ووجه مجلس الوزراء بتنفيذ الإجراءات، وقرر مناقشة الحزمة الثانية المتعلقة بالإصلاحات في الجلسة المقبلة.

كما ستمنح العوائل المحرومة رواتب الرعاية الاجتماعية، بعدد 600 ألف عائلة. كماتتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية.كما وجه عبد المهدي طلبًا لمجلس النواب “بإجراء تعديلات وزارية بعيدا عن المحاصصة السياسية”.

 إلا أن  التضحية بمحافظ بغداد فلاح الجزائري، وفتح الباب لاستقبال طلبات الترشيح للمنصب الشاغر خلال مدة خمسة أيام. جلعت  المحللون يرجحون بأن هذه الإجراءات لمجرد التسكين وإلا فما الحاجة لإقالة محافظ بغداد بشبهة الفساد فيما الآلاف غيره ينعمون بالحرية.  

كاتب

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى